فيفري 05، 2007


1.حقيقة القادسية الثانية وأم المعارك الخالدة وموقف صدام حسين المجيد

خليفة فهيم الجزائري


من القادسية الأولى بقيادة البطل سعد بن أبي الوقاص إلى القادسية الثانية بقيادة صدام حسين المجيد لم يختلف القائدان ولم يتأخرا في دحر العدوان الفارسي عن ارض العرب عبر التاريخ صاحب الحقد الدفين والطمع الأبدي القائم في نفوس الفرس اتجاه العرب الذي لم ولن ينتهي حسب ما أثبتته الأحداث الدائرة عبر العصور القديمة والتي لا زالت تدور إلى يومنا هذا فهي الدليل القاطع على أن الخطر الفارسي سيضل قائما والعرب مخيرين أمام أمرين لا ثالث لهما وهو الاستسلام والرضوخ وهذا أمر لا ولن يسجله التاريخ علينا والأمر الثاني والذي نعاهد الله والتاريخ عليه وهو التصدي الدائم والصمود الباسل لهذا الخطر الداهم الذي وحسب اعتقادي هو حكمة الاهية في حياة العرب شأنها شأن الحكمة من نزول القرآن عليهم وضروري ضرورة وجود قريش في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فهل سنخالف الأسلاف؟ ونحن لم نقرأ في التاريخ أن العرب تحملوا ذلا أو مهانة . وما سجل لهم من مواقف وبطولات وتضحيات الجسام وهذا ما نريد التطرق إليه من خلال هذا الاستعراض لحقيقة قريبة متمثلة في قادسية صدام وموقفه ودوره الشجاع فيها ووصاياه للجيل السليل فهذه حقيقة قادسية صدام وهكذا ننقلها للأجيال.

في الرابع من أيلول عام 1980 قامت إيران بعدوان غاشم على العراق هدفه السيطرة وجعله تابعا لها. فهب العراقيون النشامى جيشا وشعبا للتصدي لهذا العدوان بقيادة البطل المجاهد القائد صدام حسين المجيد وكان تصديهم للعدوان ملحمة كبرى من ملاحم الجهاد في تاريخ العراق والأمة العربية .

وبين هذه الملحمة وملحمة القادسية الأولى وشائج قوية وسمات مشتركة ولهذا استحقت أن تسمى بالقادسية الثانية . تيمنا بالقادسية الأولى التي انتهت بتحرير العراق من نفوذ الفرس بقيادة البطل سعد بن أبي وقاص وفتح أبواب الشرق لنشر الإسلام وإنقاذ البلاد المفتوحة ومنها بلاد فارس من الكفر والضلال . فما قصة هذه الملحمة التاريخية؟ كيف بدأت؟ وكيف انتهت؟ وماهي العبر والدروس المستخلصة منها؟ هذا ماسنلقي عليه الضوء هنا .

وعليه لا بد لنا من مسائلة التاريخ الذي حتما سيجيب بأن إيران كانت منذ أقدم العصور مصدرا للعدوان على العراق وتدمير حضاراته المتعاقبة. وكان العراقيون على مر العصور في موقف الدفاع تجاه غزاة أجلاف قادمين منها طامعين في أرض دجلة والفرات وخيراتها الوفيرة وحضارتها الزاهرة.
فما من دولة قامت في العراق في التاريخ القديم إلا وتعرضت إلى عدوان الغزاة القادمين من إيران وبخاصة في مراحل ضعفها ونكوصها حدث هذا في العصور السومرية والاكدية والبابلية والأشورية من دون استثناء وانتهت ولم تنته باحتلال مدينة بابل في عهد الملك الفارسي كورش.
وحتى حين دخل العراق في طور من الضعف والسبات الحضاري وخلا مسرح العالم القديم للفرس والرومان. كان هؤلاء وهؤلاء على صراع دائم من اجل الاستيلاء عليه والفرس هم الذين دمروا دولة الحضر العربية وقضوا على حضارتها في الشمال وهم الذين تسلطوا على دولة المناذرة في الجنوب وأخضعوها لسلطانهم .
كل ذلك حدث في العصور التي سبقت ظهور الإسلام وكانت خاتمته معركة ذي قار التي دارت رحاها بين العرب والفرس في أرض ذي قار وهي معركة انتصر فيها العرب على الفرس قبيل ظهور الإسلام وكان هذا الانتصار مصدر فرح واستبشار الرسول محمد عليه الصلاة والسلام . ومع ذلك استمر الفرس في احتلال أجزاء من ارض العراق حتى تم تحريره كليا أيام الفتح العربي الإسلامي.
ولكن انتصار العرب الحاسم وقيام الدولة العربية الإسلامية واعتناق الفرس الإسلام لم ينهي أحلامهم القديمة فقد قاموا بأدوار خبيثة غايتها تحطيم الدولة العربية واستعادة أمجادهم القديمة الزائلة. ومنها زرع الفتن والأحقاد بين العرب والتحريض ضد الدولة العربية والتمرد عليها و التسلل الى مواقعها العليا ونشر الفساد والتحلل فيها وخاصة في عصر الدولة العباسية .
وفي عهد الاحتلال العثماني كان الصراع بين الفرس والترك على أشده من أجل الاستحواذ على العراق وقد حدثت حروب ومعارك طاحنة وحصارات كان العراق مسرحا لها وكان العراقيون هم ضحاياها .
وحين سقطت الدولة العثمانية وتحرر العراق وقامت أول دولة عراقية في العصر الحديث لم يعترفا بها النظام الإيراني سنوات طويلة بسبب إطماعه في هذا القطر المكافح. وظل الشاه رضا وابنه من بعده ينظرون الى العراق بعيني الطمع والرغبة في الاستحواذ حتى سقوط الأخير وزوال نظامه وهكذا فأن العدوان الإيراني على العراق في 4/9/1980 ليس سوى حلقة من حلقات هذا المسلسل العدواني الطويل.

أردنا بهذه اللمحة التاريخية الوجيزة تأكيد حقيقة أن الإطماع الإيرانية في العراق قديمة قدم العراق وإيران وإنها أطماع مستمرة لم تقتصر على عصر دون آخر أو على نظام إيراني دون غيره . فسهول العراق الخصيبة وثروات العراق الوافرة كانت محط طمع الأقوام التي سكنت إيران منذ أقدم العصور حتى اليوم وهذا مايجب على العراق الحذر واليقظة والاستعداد الدائم لمواجهة الإخطار القادمة من الهضبة الإيرانية لا محالة .

فقد حدث العدوان فكيف بدأ؟ حيث وفي شباط 1979 ثارت الشعوب الإيرانية على نظام الشاه محمد رضا بهلوي في إيران واستطاعت زمرة من أدعياء الدين يتزعمهم خميني أن تستحوذ على السلطة وتفرض نفسها على شعوب إيران بمباركة من الدول الكبرى وخاصة أمريكا وبريطانيا وفرنسا .
وقد تسترت هذه الزمرة بشعارات دينية اتخذت منها غطاء للأطماع الفارسية في بلاد العرب وبرقعا للأحلام الإمبراطورية القديمة التي استيقظت في نفس خميني وداعبن خياله المريض.
فقد كان طموح خميني أن يقيم إمبراطورية فارسية جديدة يتربع على قمتها هو وزمرته ويجمع تحت علمها كل الدول الإسلامية وفي مقدمتها الأقطار العربية القريبة .وخاصة العراق بل بدءا من العراق ولهذا راح يتهم الجميع في دينهم ويتوعدهم وينذرهم بالويل والثبور ويروج لمفاهيم وأفكار منحرفة ليست لها أية صلة بالدين الإسلامي بغية تحقيق طموحه .
وكان عراق ثورة تموز العظيمة هدفه الأول على الرغم من أن حكومة الثورة آوت خميني وأحسنت إليه عندما كان مطاردا من قبل نظام الشاه وحمته من سطوته وجبروته ورفضت تسليمه إليه ذلك أن خميني كان يدرك أن العراق هو السد الذي بحول بينه وبين تحقيق أطماعه وان انهيار العراق لا سمح الله والاستحواذ عليه يفتح له الطريق للتوسع وابتلاع دول عربية أخرى وخاصة دول الخليج .
ولهذا ركز نظام خميني على العراق تركيزا خاصا فشن عليه حربا دعائية شعواء وحاول أن يبث الفتنة الطائفية في صفوفه ويستنفر ذوي الأصول الإيرانية المقيمين فيه لخدمة أهدافه . فقاموا بأعمال تخريبية عدة وحاولوا اغتيال بعض المسئولين العراقيين ولم يكتفي نظام خميني بذلك بل حشد قواته العسكرية على الحدود العراقية وأخذ المسئولون الإيرانيون يهددون بالزحف عليه واحتلاله بتصريحات واضحة وموثقة.
وعلى الرغم من أن قيادة الثورة في العراق حاولت الحفاظ على علاقات طبيعية مع إيران منذ استحواذ خميني على السلطة فيها وعلى الرغم من أنها حاولت أن (تدفع بالتي هي أحسن) وعملت على نصح نظام خميني وتحذيره من عواقب النهج الذي ينتهجه . كان هذا النظام يصعد سياسته العدوانية وكانت تصريحات المسئولين فيه تزداد صلفا ووقاحة مستخفين بكل الاعتبارات ومتوهمين بأنهم قادرون على ابتلاع العراق وتحويله الى ضيعة فارسية .
ثم بلغ الغرور والطيش بنظام خميني حدا لم بعد يكتفي فيه بالحرب الدعائية بل صار يعلن تنصله من اتفاقية عام 1975 المعقودة بين العراق وإيران ويرفض إعادة الأراضي العراقية التي احتلتها إيران عي عهد الشاه والتي اتفق على إعادتها إلى العراق في ضوء هذه الاتفاقية وزاد على ذلك فأخذ يشن اعتداءات عسكرية سافرة على المخافر الحدودية العراقية . والمدن العراقية القريبة من الحدود وأخذت الطائرات العسكرية الإيرانية تخترق حرمة الأجواء العراقية بشكل بات يهدد أمن العراق واستقراره تهديدا جديا.
ومع ذلك ظلت قيادة الثورة في العراق تتحلى بالصبر وحاولت أن تثني نظام خميني عن عزمه بالطرق السليمة . فواجهت الاعتداءات بالاحتجاجات والتحذيرات الرسمية عبر الطرق الدبلوماسية ولكن الاحتجاجات والتحذيرات لم تجد نفعا . ولم تثني نظام خميني عن نهجه العدواني وسعيه إلى تحقيق أهدافه الخبيثة . بل بالعكس زادته غرورا وطيشا وتوهما فقد زادت اعتداءاته وتنوعت وبلغت مستوى خطيرا كما ونوعا . وصارت تلحق بالعراق ومواطنيه أضرارا فادحة .
فمنذ 1979 حتى 1980 اخترقت الطائرات الإيرانية المقاتلة أجواء العراق 242 مرة وبلغ عدد حوادث القصف المدفعي وإطلاق النار عبر الحدود على المخافر العراقية 244 مرة منذ حزيران 1979 حتى أيلول 1980 أما عدد مذكرات الاحتجاج الرسمية التي وجهها العراق إلى الحكومة الإيرانية فبلغت 293 مذكرة حتى منتصف أيلول 1980.
لقد كان واضحا من هذه الاعتداءات وما رافقها من حشود عسكرية إيرانية كثيفة على الحدود ومن تهديدات صريحة يطلقها المسئولين الإيرانيين ومن عمليات الاغتيال والتخريب ومن الحرب الدعائية المتصاعدة إن نظام خميني كان يمهد الأجواء لغزو العراق وهذا ما تأكد حينما بدأ العدوان في 4/9/1980 وراح يقصف المدن العراقية الحدودية بالمدفعية الثقيلة من الأراضي العراقية التي كان نظام الشاه قد استحوذ عليها ويكثف طلعاته الجوية المسلحة في سماء العراق ويصعد لهجته العدوانية ويقصف السفن القادمة إلى العراق والخارجة منه بشكل هدد الملاحة العراقية في شط العرب تهديدا مباشرا وكان هذا كله دليلا على أن الغزو الإيراني للعراق بات أمرا وشيكا .
لكن ورغم ذلك فقد كان للعراق مساعي سلمية حين بلغ العدوان الإيراني على العراق هذه الدرجة من الخطورة لم يبق أمامه من خيار سوى التصدي له وهو في مهده وضرب الآلة العسكرية الإيرانية وهي لا تزال داخل أراضي إيران.
وبناء على ذلك وبتاريخ 22/9/1980 أي بعد ثمانية عشر يوما من بدء العدوان قرر العراق الرد عليه والتصدي له بهجوم استباقي مباغت لتدميرالقوات المهيأة للغزو وهي في مواقعها وقد كان الفضل في اتخاذ هذا القرار الحكيم للقائد التاريخي صدام حسين المجيد إذ لولا هذا القرار أي لو انتظرت القيادة العراقية أن تبدأ إيران بغزو العراق والدخول إلى أراضيه قبل التصدي لها لتحولت مدن العراق وقراه إلى مسرح للحرب ولتعرضت إلى الخراب وإلحاق الموت والضياع بسكانها المدنيين.
والواقع أن العراق لم يكن راغبا في أية حرب جانبية تشغله عن همومه واهتماماته القومية وعن طموحاته التنموية والنهضوية وهو لم يكن يريد ضم إيران أيه أو اقتطاع جزء من أراضيها وإلحاقه بأراضيه كما كانت تريد إيران منه وسياسة العراق ابعد متكون عن التدخل في شؤون الدول الأخرى مهما كانت طبيعة أنظمتها السياسية وهذا يعني أن النظام الإيراني فرض الحرب على العراق فرضا ووضعه أمام خيار صعب وتحد لا سبيل له غير قبوله وهكذا فان قرار ضرب القوات الإيرانية في عقر دارها كان في جوهره قرارا دفاعيا مشروعا . قرارا هدفه حماية العراق من غزو وشيك وحماية مدنه وقراه وحضارته من الخراب. وحماية مواطنيه بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم من الضياع والموت . فهو إذا قرارا اضطراريا وليس قرار اختياري . ولكن لولا هذا القرار الحاسم الصعب لكان شأن العراق وشأن الدول العربية الخليجية شأنا آخر .
ومع ذلك وافق العراق على قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف القتال بين الطرفين الصادر بعد أيام من اندلاعه. وقد أعلن العراق مرارا استعداده لإيقاف القتال والدخول مع إيران في مفاوضات لحل المشاكل المعلقة بين البلدين وتجاوب العراق مع جميع المبادرات السليمة التي تقدمت بها أطراف مختلفة. بل بلغ الأمر بالعراق حد إيقاف القتال من جانب واحد تجاوبا مع إحدى المبادرات.
وطوال مدة الحرب كان القائد صدام حسين المجيد يحرص على تبصير حكام إيران على ضرورة إنهاء الحرب والاستجابة إلى نداء السلام . وبأن إطالة أمد الحرب لن يمكنهم من تحقيق أهدافهم العدوانية . وبأن السلام ضروري للعراق وإيران معا . وقد وجه القائد صدام حسين المجيد خمس رسائل تاريخية إلى الشعوب الإيرانية وضح لها فيها مزايا السلام . وبصرها بالطريق المهلك التي تقودها اليه الزمرة الخمينية الحاكمة وهكذا حتى بلغ عدد المبادرات والدعوات السليمة التي رفضتها الزمرة الخمينية 215مبادرة ودعوة للسلام عراقية وإقليمية ودولية .
غير أن نظام خميني ركب رأسه وأعماه الحقد والغرور فلم يبالي بسيول الدماء التي انهمرت من الطرفين وأصر على استمرار الحرب واطالة أمدها ظنا منه هو الذي سيربحها في النهاية ويحقق الحلم الخبيث الذي راوده حلم تحويل العراق إلى ضيعة إيرانية .
وقد كشفت الأحداث أن لكل من أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني دورا في تشجيع النظام الإيراني على إطالة أمد الحرب ودعمه سرا من أجل هذا الهدف. فقد تعاون الكيان الصهيوني مع النظام الإيراني على ضرب مفاعل تموز النووي وتدميره وعقد الكيان الصهيوني عدة صفقات تسليحية مع هذا النظام لتمكينه من الصمود والاستمرار في الحرب. وكان سقوط الطائرة الأرجنتينية المحملة بأسلحة صهيونية متنوعة إلى إيران دليلا حاسما على ذلك وكذلك فعلت أمريكا . فقد زودت هي الأخرى إيران بالسلاح وكانت الفضيحة المعروفة بفضيحة (إيران غيت) هي الدليل الحاسم . أما بريطانيا فقد جعلت من أراضيها ساحة لعقد الصفقات . فقد شاركت أمريكا في تزويد إيران بمعلومات استخبارية سهلت لها احتلال مدينة الفاو في شباط 1986.
وبلغ غرور نظام خميني ذروته وظهرت أطماعه على حقيقتها حين نجح في غزو مدينة الفاو واحتلالها فعلا. إذ راح المسئولين الإيرانيين يلوحون في تصريحاتهم بأن إيران باقية في المدينة وان البر الخليجي أصبح مفتوحا أمامها . بل هم صاروا يطمحون إلى احتلال جنوبي العراق كله وكرسوا مجهودهم العسكري لتحقيق هذا الهدف كمقدمة لأهدافهم الأخرى.
وهكذا استمر العدوان الإيراني على العراق مدة ثماني سنوات قاتل فيها العراقيون بقيادة القائد صدام حسين المجيد قتالا ملحميا فريدا . حتى تم تحرير الفاو في 17/04/1988 وفي واحدة من أروع الملاحم وأعظمها وكان تحرير الفاو مقدمة لتحرير كل شبر دنسه المعتدون من ارض العراق . وبداية لهزيمتهم الشاملة في يوم النصر يوم الأيام 8/8/1988 وبذلك اضطر خميني إلى الموافقة على قرار مجلس الأمن رقم 598 الخاص بوقف إطلاق النار بعد عام من صدوره ووصف خميني موافقته على هذا القرار بأنها أشبه بتجرع كأس من السم .
ان الحرب العراقية الإيرانية كانت حرب دروس فقد أكدت عدة حقائق وأعطت عبر حيث ومنذ بداية العدوان في 4/9/1980 حتى نهايته في 8/8/1988 تأكدت حقائق أساسية هي :

إن الإطماع الإيرانية في العراق أطماع تاريخية مستمرة على مر العصور وعلى اختلاف طبيعة الدول التي نشأت في 01الهضبة الإيرانية واختلاف طبيعة الحكومات التي حكمت إيران وهذه الأطماع باقية ومتجددة برغم اختلاف طرق التعبير عنها والأقنعة التي ترتاديها.
2 - إن الفرس يكنون للعرب عامة وللعراقيين منهم خاصة حقدا تاريخيا دفينا لأنهم يعدونهم المسئولين عن انهيار الإمبراطورية الفارسية وينظرون إليهم باستعلاء وتعصب ولم يمح هذا الحقد من صدورهم حتى بعد اعتناقهم الإسلام .
3 - إن الزمرة الخمينية التي سرقت ثورة الشعوب الإيرانية على نظام الشاه واستحوذت على السلطة ابعد متكون عن قيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العظيمة . وأنها خدعت الشعوب الإيرانية بشعراتها الزائفة وحاولت تضليل الشعوب الإسلامية خارج إيران بهذه الشعارات . ذلك أنها ادعت الوصاية على الإسلام وحاولت زرع الفتن بين المسلمين . وتوجهت بعدائها المباشر إلى العرب الذين كان رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام منهم . والذين نزل القرآن الكريم بلغتهم وكانوا هم مادة الإسلام وحملة لوائه والمبشرين برسالته والمجاهدين في سبيلها .
وقد ادعت هذه الزمرة أنها ضد الصهيونية وأنها ضد الاستعمار الأمريكي وأطلقت على أمريكا اسم ( الشيطان الأكبر) ولكن الأحداث برهنت ولا تزال كما أوضحنا سابقا على زيف هذا الادعاء.
وادعت كذلك هذه الزمرة على أنها ضد الصهيونية وأنها حريصة على تحرير فلسطين . ولكن الأحداث كشفت العلاقات السرية القائمة بينها وبين الكيان الصهيوني والتي أفضت إلى التنسيق بينهما على قصف مفاعل تموز العراقي عام 1981 والى عقد صفقات تسليحية كبيرة بينهما .
وظهر زيف ادعاءاتها الدينية في تعاملها مع الأسرى العراقيين خلافا لقيم الإسلام ومبادئه . فقد قتل جلادوها العديد والعديد من الأسرى وأخضعوهم لأقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي وحاولوا شراء ضمائرهم وإرغامهم على خيانة وطنهم واحتجزوهم سنوات طويلة دونما مبرر خلافا لقيم الدين الإسلامي وللاتفاقيات الدولية الخاصة بالأسرى.
وبعد وعلى الرغم من ضرورة بناء علاقات طبيعية مستقرة مع إيران على أسس من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية فأن تطبيع العلاقات معها الآن أو في المستقبل يجب الا ينسينا الحقائق التالية /
1 - إن إيران ذات أطماع تاريخية في العراق كانت تتجدد عبر العصور على اختلاف الأنظمة التي تحكم إيران .
2 - لقد برهنت الأحداث أن إيران لاتحترم المواثيق والعهود وأنها مستعدة للغدر بالعراق متى ماوجدت الفرصة ملائمة لها . وهذا ماأكدته صفحة الغدر والخيانة .
3 - وبناء على ذلك فان العراق يجب أن يكون على يقظة تامة ودائمة تجاه الأخطار القادمة من إيران حتى في ظروف السلم وتطبيع العلاقات .
4 - إن اليقظة وحدها لا تكفي بل لابد من بناء قوة رادعة كافية تجعل إيران وأية جهة تريد العدوان على العراق تفكر ألف مرة قبل أن تقوم بعدوانها عليه.
5 - إن الحفاظ على توحد العراقيين في ما بينهم عامل حاسم في التصدي لأطماع الطامعين ومواجهة المعتدين وتحقيق الانتصار عليهم سواء أكانوا إيرانيين أم غير إيرانيين ولذا ينبغي التصدي بقوة وحزم لكل دعوة مشبوهة تحاول تفريق شمل العراقيين . إذ لاهدف من مثل هذه الدعوة غير إضعاف العراق وتفتيته .
6 - وأخيرا فأن انتصار العراق على المعتدين الإيرانيين لم يتحقق بسهولة بل بتضحيات بشرية ومادية جسيمة تحقق بقوافل كبيرة من الشهداء الأبرار الذين دافعوا عن وطنهم وأمتهم وضحوا بأرواحهم من أجل أن يبقى العراق حرا مستقرا عزيزا وقدوة وأنموذجا نهضويا للأمة العربية وقوافل الشهداء هذه تكفي وحدها في الأقل للتمسك بالدروس والعبر المستخلصة .
تتبع ........