فيفري 17، 2007

وصفة داء العملاء والجبناء من رحيق الشعراء
خليفة فهيم الجزائري

كتب الله لنا أن نكون من أبناء خير امة أخرجت للناس امة يتمنى كل إنسان أن يكون منها الأمة التي حملت ثقل كل
الأمم قدمت الخير ولم تتلقى سوى الشر نعم حيث كانت صاحبة فضل وفير بحملها لعدة رسالات ولا زالت فقد قامت بتحطيم أسوار الجهل فأنارت نورها ولم تبخل حتى ساد على الظلام الدامس الذي كانت تسبح فيه البشرية . والتاريخ يشهد على ذلك ويشهد أيضا على الشر الذي عصف ويعصف بها اليوم من طرف تلك الأمم والأخطر والمؤسف حتى من طرف أبناء رحمها الذين ربما تكون قد أنجبتهم بتشوهات في الفكر الذي يحملوه وانعدام تام في الغيرة والبسالة بل وبشخصية جوفاء. أو قد أنجبتهم سهوا والله اعلم لكن المؤكد أنهم ليسوا من المغضوب عليهم ولا الضالين وماهم إلا من فاقدي الصواب فمن واجبنا نحن أخلاقيا العمل على إرجاع كل فاقد صواب إلى صوابه إن استطعنا بكل ما نملك ونجتهد بإخلاص في البحث المعمق على مدار الزمن عن الدواء لهذه الفئة حتى لو كان رصاصة الرحمة ..
نحن أبناء هذه الأمة مثلما نتشرف بها ونبقى في خدمتها لا ننكر ماقد تنجبه لنا فهو فينا أكان سلبي أم ايجابي وإلا كيف نفسر تواجدنا في درب الأشواك الطويل ...وعليه استنفرت أفكاري وبدأت في البحث هنا وهناك لعلي أجد دواء لهذا الداء الدخيل اللا وراثي في أمتي وبدلا من أن اجبر نفسي على فتح المخابر لإعداد أي دواء كيميائي اهتديت إلى دواء أراه مناسبا وأمنيتي أن يكون شافيا وجدته في أرشيف الأسلاف محفوظ لم يمت نظيف ونقي لا يوجد به أي نية مغرضة سوى العلاج التام وهو ليس من إنتاجي فقد تم إعداده من طرف أناس لم يكن لهم يوما أي ارتباط مشبوه بأي جهة من الجهات أو أي ميول إلى فكر من الأفكار سوى ارتباط روحي بالوطن وفكر صادق نقي نابع من حبه إنهم كوكبة من الشعراء العرب واخترت لكم وصفة غنية مستخلصة من رحيق أشعارهم لأني وجدت أن الشعر اقرب إلى نفوس العرب فهو يؤثر فيها ويزيدها حماسة وخوفي كل الخوف إني أكون قد وصلت متأخرا واجد تلك الأحاسيس والضمائر قد ماتت..


_بداية مع الشاعر السوداني عمر البنا صاحب أشهر معلقة في الأدب السوداني وهي_ الحرب صبر

*الحرب صبر واللقاء ثبات _ الموت في شأن الإله حياة

الجبن عار والشجاعة هيبة _ للمرء ما اقترنت بها العزمات

والصبر عند الناس مكرمة ومقدام _ الرجال تهابه الوقعات

ثم يقول
والعمر في الدنيا له اجل متى _ يقضي فليس تزيده خشيات

فعلام خوف المرء إن خشى الوغى _ نفس الكريم وحانت الأوقات

والفخر بيع النفس لله _ العلي وأجرها الجنات

إن الجهاد فضيلة مرضية _ شهدت بمحكم أجرها الآيات




_وهذا الشاعر محمد التهامي مثلا يتصدى لموضوع من أهم مواضيع حياتنا أملا وهو الكفاح الموحد من اجل خلق غد
مشرق بسام للأمة العربية فيقول:

*إن القوة هو اتحاد كياننا _ فأنا وأنت صنعته وصنعته

من نور أحلامي وتطلعي _ وحصاد أيامي الطوال جمعته

من كل ساعة شدة قضيتها _ من كل ومضة مخرج ألهمته

من قبضة السجان من جبروته _ من قسوة الطغيان قد أخرجته

من خير أوطاني يسيل أغيرها _ ولها الجفاف عصرته وشربته

قل للئام العاملين لفرقة _ لا لن يعود إلى ما خلفته

فلقد عرفت وذقت حلو توحدي _ يكفيهم الزمن الذي أهدرته.



_وهذه الشاعرة روحية القليني تقول مثيرة النخوة ومعيدة للذاكرة أمجاد العروبة

*دعوت ربي في جنح الظلام وكم _ لجأت لله في ضيقي فيهديني

أقول يارب أنا امة خلقت _ للمجد والعز لا للذل والهون

وللبناء خلقنا كيف يهدمنا _ عاد علينا بلا رفق ولا لين

في الشام في مصر في بغداد في اليمن _ هدى العروبة في روحي وتكويني

يد الدخيل أرادت إن تفرقنا _ لكن وحدتنا شيدت بتمكين

أعود بالشوق للأرض التي صبرت _ على الفراق الذي قد كان يشقيني

احكي لها قصة العدواني سافرة _ فتمسح الدمع في رفق تواسيني

تقول لا تحزني فالنصر رائدنا _ مادمت ألقي جنود النصر تفديني

نحن الأباة وان طال الزمان بنا _ سنحطم القيد في عزم وتمكين .



_وهذا الشاعر إدريس محمد السوداني حينما وقع العدوان على مصر عام 1956

*بي ما بصدرك يا مصر من لهب _ وشيجة الحق والتاريخ والنسب

عم البلاد ذهول لا تحدده _ حدود ارض ومشبوب من الغضب

هذا الدم الثأر المهتاج نبعثه _ نارا ونحرق فيه كل مغتصب

كل العروبة لما مس إخوتهم _ بأس المغير سعوا في نخوة العرب
عروبة وحدة الإحساس تجمعها _ كما التقت في اتحاد الأصل والحسب.



_وهذا الشاعر راشد الزبير السنوسي ففي شعره نغمة عربية المطالع تغزو القلوب وتتهامس عليها العيون ومن شعره في قصيدة ( يا سائلون) التي يقتحم فيها مهاوي التخاذل


*يساءلون يأخي عن الجراح كيف لا تندمل _ ونزفها الدافق في البطاح ماله يشتعل

فقل لهم

ليغسل العار وعرض يستباح _ وجيلنا سواعد تعشق طعنة السلاح

بنظرة ثابتة إلى الأمل _ ووقفة صامدة بلا ملل

تزلزل الليل تمزق الغطاء _ لتحضن الغارق في الدموع والدماء

هناك في القدس مطالع الضياء _ أجيبيهم بكل ما سيحفظ الصغار

بالحقد يزرع الجبال والسهول والقفار _ ينبت في الصدور ألف عزمة وقار

ولن يرى الليل على شموخنا انتصار _ وجولة الباطل لن تعيش في انتحار

لترجع الفرحة بعد غربة لدار _ وتزرع النجوم في سمائنا أزهار

ويرقص النسيم وهو يحضن الثمار _ ويسبق الربيع في طلوعه آذار

ليطلق الصغار من براثن الدمار _ بوثبة انتصار وبسمة افتخار



_وهناك شاعر جزائري هو صالح خرفي بذل عصارة قلبه من اجل وطنه العربي وكانت مأساة البلاد امتداد لمأساة فلسطين العربية وتراه هنا كيف يمزج بين الألم المبرح في نفسه فيخرج بصورة نادرة المعنى :

*شبح لاح لي يدب على التيه إلى الأفق تشرئب يداه

يا الهي متى أعود؟ متى الفجر؟ وليلي على الأسى ما مداه

رجع الأفق صوته . ثم أحنى يسأل الأرض : هل سمعت نداه

فتعالى من الجزائر صوت : أمل العائدين : نحن فداه

من عباب المحيط في المغرب الأقصى ترامى إلى الخليج صداه

يا أخي في خيام ( غزة ) في قلعة ( يافا) جروحنا تتنادى

نحن قربان مدلج ينشد الفجر. فكنا له منارا وزادا

رعشة النور في سيراجك ياصاح .ضاءت له الربا والو هادا

ومن الآهة الحزينة . وافته من العز نغمة تتهادى

إننا نزرع الورود على الدرب ونجني من الورود القتادا

مرحبا بالقتاد يدمي خطانا . مرحبا بالدماء تجلي السوادا ..

_وهذا الشاعر محمد عيدان ينبه دائما إلى التاريخ والبطولات العربية والشكيمة والكرم وعلو المحتد.

*وأنا لشعب يعلم الله انه كريم

حصيف الرأي مرتفع الكعب

سليل جدودنا بهين . أعزة

مغاوير شوس .كا لضراغمة الغلب

ولكن عثا الحدثان في الشعب مرغما

عليه . كما تطغى السيول على العشب

فأصبح مغبونا من العيش مرغما

على الهون . مرهونا كيوسف في الجب

وغاب عن الأبصار لولا مخايل

تلوح كومض البرق من خلل السحب .

أو كقوله

ياحماة البلاد يا فتية الضاد _ ترى هل لكم من الرأي مغن

سار أجدادكم مع العصر شوطا _ وبقيتم مابين وهم ووهن

أين منكم مهابة وإنصاف _ أم سكنتم إلى احتقار وغبن

لا تقولوا هان الجدود. فهنا _ ساء نشئ لهم به سوء ظن .



_وهذا الشاعر الغنائي المعروف احمد رامي يقول في قصيدته إلى _ بــــغـــــــداد

*في هو (بابل) وحب ( النواس) _ جئت أسرى على هدى إحساسي

أملأ العين من مباهج بغداد _ واسعي إلى حمى العباس

وأرى دجلة الذي فاض بالخير _ عليها وماج بالإيناس

ورفاق إلى فؤادي أحباء _ على العين ودهم والرأس

إلى أن يقول

إيه بغداد والليالي كتاب _ ضم أفراحنا وضم المآسي

عبث الدهر في بساتينك الغناء _ والدهر حين يعبث قاس

ودهاك المغول بالطلعة النكراء _ يبغون قطف ذاك الغراس

فتصديت للغزاه وجابهت _ إذاهم مثل الجبال الرواسي

ثم نافحت عن حمى الحق والشرق _ وأصبحت شعلة النبراس

يقبس القابسون منك سنا العلم _ فتعطيهم بلا مقاس

وتديرين في الوجود منارا_ ثابت الركن مستقر الاواسي.


وفي الأخير أقول تبقى الوقاية خير من العلاج